21 ديسمبر 2011

حكم النفقة الزوجية ودليل وجوبها


أجمع الفقهاء على أن نفقة الزوجة واجبة للزوجة على زوجها مقابل احتباسها وقصرها نفسها عليه بحكم عقد الزواج الصحيح[1].
أما دليل وجوبها، فهناك أدلة كثيرة تدل على وجوب النفقة للزوجة على زوجها، منها ما يلى:
أولا: من الكتاب
دلت كثير من نصوص الكتاب على وجوب النفقة للزوجة على الزوج، أذكر منها:
1-  قوله تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ [النِّسَاءِ: 034]
قال علماء التفسير[2] أن المراد من الآية المهور والنفقات.
2-    قوله تعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [الْبَقَرَةِ: 233]
ووجه الاستدلال من الآية: أنها أوجبت رزق الوالدات وكسوتهن على الزوج، وسمى الزوج مولود له لأن الولد ينسب إليه.
3-    وقوله تعالى: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ [الطَّلَاقِ: 006]
فقد أمر الله تعالى الأزواج بأن يسكنوا المطلقات فى أثناء العدة على قدر طاقتهم. وإذا كانت نفقة المسكن وغيرها واجبة للمطلقة على مطلقها، تكون نفقة الزوجة التى لا تزال الزوجية قائمة بينها وبين زوجها واجبة على الزوج من باب أولى.
4-    وقوله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ  [الطَّلَاقِ: 007]
حيث أن الأمر هنا للوجوب.
ثانيا: من السنة
فقد وردت أحاديث كثيرة فى هذا الباب، منها:
1- ما رواه البخارى بسنده عن أبى مسعود الأنصارى أن النبى قال: إذا أنفق المسلم نفقة على أهله وهو يحتسبها كانت له صدقة[3].
وقد ذكر ابن حجر فى شرح الحديث قول الطبرى: والانفاق على الأهل واجب، والذى يعطيه يؤجر على ذلك بحسب قصده، ولا منافاة بين كونها واجبة، وبين تسميتها صدقة، بل هي أفضل من صدقة التطوع. وقال المهلب: النفقة على الأهل واجبة بالإجماع، وإنما سماها الشارع صدقة خشية أن يظنوا أن قيامهم بالواجب لا أجر لهم فيه[4].  
2- ما رواه مسلم بسنده عن جابر بن عبد الله أن رسول الله خطب الناس فى حجة الوداع فقال: اتقوا الله فى النساء، فإنهن عوان عندكم، أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف[5].
3- ما روى أن هندا بنت عتبة امرأة أبى سفيان جاءت إلى الرسول وقالت له: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطينى من النفقة ما يكفى ولدى إلا ما آخذ من ماله بغير علمه، فقال لها رسول الله: خذى من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفى ولدك[6].
4- ما رواه البخارى ومسلم بسندهما عن أبى هريرة قال: أفضل الصدقة ما ترك غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول. تقول المرأة: إما أن تطعمنى وإما أن تطلقنى، ويقول العبد: أطعمنى واستعملنى، ويقول الابن: أطعمنى إلى أن تدعنى. فقالوا: يا أبا هريرة، سمعت هذا من رسول الله؟ قال: لا، هذا من كيس رسول الله[7].
5- ما روى عن معاوية القشيرى أن رجلا جاء إلى النبى فقال: ما حق المرأة على زوجها؟ فقال: تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تجهر إلا فى البيت[8].
ثالثا: الاجماع
فقد اتفق العلماء من عصر الرسول إلى الآن على وجوب نفقة الزوجة على زوجها، وأنه إذا امتنع الزوج عن الإنفاق على زوجته بدون حق شرعى كان ظالما، وفرض القاضى نفقتها عليه إذا طلبت ذلك.
رابعا: المعقول
من المتفق عليه أن من حبس لحق غيره فنفقته واجبة عليه، فالقاضى والموظف والجندى وكل عامل فى الدولة وغيرها نفقاتهم على من حبسوا لهم. ولما كانت الزوجة قد حبست نفسها للإشراف على البيت والقيام بأعبائه فقد وجبت لها النفقة على الزوج جزاء هذا الاحتباس[9].


[1] بدائع الصنائع ص ، مختصر خليل ص، الأم ص ، نيل الأوطار ص ، سبل السلام ص ، بداية المجتهد ص ، مغنى المحتاج ص ، المغنى ص.
[2] جامع البيان، الطبرى ص ، تفسير القاسمي ص ، الجامع لأحكام القرآن ص .
[3] صحيح البخارى، كتاب النفقات، باب: فضل النفقة على الأهل، حديث رقم 5351، رواه النسائى، كتاب النفقات، باب: فضل النفقة على الأهل، حديث رقم.
[4] فتح البارى (9/498).
[5] صحيح مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبى (1/512). سنن أبو داود
[7] صحيح البخارى، كتاب النقات، باب: وجوب النفقة على الأهل والعيال، حديث رقم 5255.
[8] نيل الأوطار ج 6 ص:
[9] فتح القدير ج 3 ص .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق