21 ديسمبر 2011

أنواع المهر والأحوال التى يجب فيها كل نوع


ينقسم المهر إلى نوعين: المهر المسمى والمهر المثل.

المطلب الأول
المهر المسمى
وهو ما اتفق عليه العاقدان فى العقد وسمي تسمية صحيحة، أو فرض للزوجة بالتراضى بعد العقد الذى خلا من تسمية المهر[1].
ويعتبر من جملة المهر المسمى في العقد: ما يقدمه الزوج عرفا لزوجته قبل الزفاف أو بعده، كثياب الزفاف والهدايا وغير ذلك؛ لأن المعروف بين الناس بمنزلة المشروط في العقد لفظا، ويجب إلحاقه بالمهر وإن لم ينص عليه، ويكون الزوج ملزما به إلا إذا شرط نفيه وقت العقد أو سمي فى مقابلته مالاًً يضم إلى العقد[2].
الحالة التى يجب فيها المهر المسمى بتمامه:
يجب المهر المسمى للزوجة إذا كان العقد صحيحا[3] والتسمية صحيحة، سواء كان المسمى فى العقد، أو بعده لتراضيهما عليه، وتكون التسمية صحيحة بأن يكون المهر المسمى مالا متقوما فى نظر الشارع أو ما هو فى حكم المنافع التى تقوم بالمال، وأن يكون معلوما علما ليس فيه الجهالة الفاحشة[4].
فإذا توفرت الشروط السابقة فى المسمى وجب للمرأة المهر المسمى بالغا ما بلغ، بشرط ألا يكون أقل من المهر المقدر شرعا. فإن كانت أقل منه وجب المسمى وما يكمل العشرة دراهم عند الحنفية[5].
فإذا زوجت المرأة البالغة العاقلة نفسها من كفء، بمهر مسمى فى العقد أقل من مهر أمثالها، ولم يرض به وليها العاصب، وأبى الزوج أن يكمل مهر المثل، فللولي فسخ العقد أمام القاضى[6].

المطلب الثانى
مهر المثل

الفرع الأول
تعريف مهر المثل
اختلف الأئمة فى تحديد مهر المثل على النحو التالى:
عند الحنفية:
فقد حدد الحنفية مهر المثل: بأنه مهر امرأة تماثل الزوجة وقت العقد من جهة أبيها، لا أمها إن لم تكن من قوم أبيها، كأختها وعمتها وبنت عمها، في بلدها وعصرها. وتكون المماثلة في الصفات المرغوبة عادة وهي: المال والجمال والسن والعقل والدين؛ لأن الصداق يختلف باختلاف البلدان، وباختلاف المال والجمال والسن والعقل والدين، فيزداد مهر المرأة لزيادة ما لها وجمالها وعقلها ودينها وحداثة سنها، فلا بد من المماثلة بين المرأتين في هذه الصفات، ليكون الواجب لها مهر مثل نسائها. فإن لم يوجد من تماثلها من جهة أبيها، اعتبر مهر المثل لامرأة تماثل أسرة أبيها في المنزلة الاجتماعية. فإن لم يوجد فالقول للزوج بيمينه؛ لأنه منكر للزيادة التي تدعيها المرأة.
ويشترط لثبوت مهر المثل: إخبار رجلين، وامرأتين، ولفظ الشهادة، فإن لم يوجد شهود عدول، فالقول للزوج بيمينه[7].
عند الحنابلة:
وحدد الحنابلة مهر المثل: بأنه معتبر بمن يساويها من جميع أقاربها، من جهة أبيها وأمها، كأختها وعمتها، وبنت عمتهما، وأمها، وخالتها وغيرهن القربى فالقربى، لحديث ابن مسعود السابق في المرأة المفوضة(1): "لها مهر نسائها" ولأن مطلق القرابة له أثر في الجملة، فإن لم يكن أقارب اعتبر شبهها بنساء بلدها، فإن عدمن اعتبر أقرب النساء شبها بها من أقرب البلاد إليها[8].
عند الشافعية:
ويعتبر مهر المثل عند الشافعية بمهر نساء العصبات، لحديث علقمة: قال: "أتي عبد الله- أي ابن مسعود- في امرأة تزوجها رجل، ثم مات عنها، ولم يفرض لها صداقا، ولم يكن دخل بها، قال: فاختلفوا إليه، فقال: أرى لها مثل مهر نسائها، ولها الميراث، وعليها العدة، فشهد مَعْقِل بن سنان الأشجعي أن النبي (ص) قضى في بردع بنة واشق بمثلما قضى وتعتبر بالأقرب فالأقرب منهن، وأقربهن الأخوات وبنات الإخوة والعمات وبنات الأعمام، فإن لم يكن لها نساء عصبات، اعتبر بأقرب النساء إليها من الأمهات والخالات؛ لأنهن أقرب إليها، فإن لم يكن لها أقارب، اعتبر بنساء بلدها، ثم بأقرب النساء شبها بها[9].
عند المالكية:
ويعتبر مهر المثل عند المالكية بأقارب الزوجة وحالها في حسبها ومالها وجمالها، مثل مهر الأخت الشقيقة أو لأب، لا الأم ولا العمة لأم أى أخت أبيها من أمه، فلا يعتبر صداق المثل بالنسبة إليهما؛ لأنهما قد يكونان من قوم آخرين[10].
الرأى الراجح:
أرى أن الرأى الراجح هو ما ذهب إليه الشافعية لقوة أدلتهم.

الفرع الثانى
الأحوال التى يجب فيها مهر المثل

الحالة الأولى: نكاح التفويض
أى أن يكون العقد صحيحا، ولكن بدون تسمية المهر؛ بأن صدرت الصيغة مجردة من ذكره أو نفيه، كأن تقول: "زوجتك نفسي" دون أن تحدد المهر. وهذا النوع من النكاح سمي بنكاح التفويض؛ لأنها بسكوتها تكون قد فوضت أمر تقدير المهر إلى زوجها، لذلك كان لها الحق فى مطالبته بعد العقد بتقدير مهر لها.
وقد اتفق الفقهاء على وجوب مهر المثل فى المفوضة بالدخول، وعلى وجوب المتعة وحدها إن حدث طلاق قبل الدخول والفرض. والخلاف فيما إذا مات أحدهما قبل الدخول والفرض؛ فالبعض يوجب مهر المثل كالحنفية والحنابلة، والبعض الآخر لا يوجب شيئا كالمالكية والشافعية[11].
الحالة الثانية: الاتفاق على عدم المهر
كأن يقول الرجل للمرأة: تزوجتك على ألا مهر لك، وتقول المرأة: قبلت. فيجب لها مهر المثل بالدخول أو بالموت عند الجمهور غير المالكية؛ لأن هذا الاتفاق باطل، واشتراط نفي المهر فاسد، والشرط الفاسد لا يفسد الزواج عند الحنفية، ونفي المهر لا يفسده أيضا عند الشافعية والحنابلة[12].
أما المالكية فقالوا: إذا اتفق الزوجان على إسقاط المهر، فسد العقد، لكن يجب لها بالدخول مهر المثل. ولا يجب لها شيء بالطلاق أو موت أحدهما قبل الدخول[13].
الحالة الثالثة: إذا سمي فى العقد تسمية غير صحيحة
بأن يكون المسمى غير مال أصلا كالميتة وحبة القمح وقطرة الماء ونحوها مما لا ينتفع به أصلا، أو ينتفع به على نحو لا يعتد به. أو يكون المسمى مالا غير متقوم أو مشتملا على غرر كالخمر والخنزير بالنسبة للمسلم ولو كانت الزوجة كتابية، أو على شيء معجوز التسليم، كالطير في الهواء والمعادن في باطن الأرض. أو يكون المسمى مجهولا جهالة فاحشة: وهي التي تفضي إلى النزاع.
ففى هذه الصور تفسد التسمية ويجب مهر المثل؛ لأنه الواجب الأصلى، ولا يعدل عنه إلا إذا تراضيا على شيء معلوم يصح أن يكون مهرا شرعا. وذلك عند الجمهور[14].
أما المالكية فقالوا: إذا سمي مالا يصلح أن يكون مهرا فسد العقد، ولا تستحق المرأة مهر المثل إلا بالدخول. أما إذا مات الزوج أو طلقها قبل الدخول فلا يجب لها شيء[15].
الحالة الرابعة: الوطء بشبهة
إذا دخل الرجل المرأة بشبهة، كمن تزوج امرأة بجهل أنها أخته من الرضاعة، أو وطء من ظنها زوجته، أو زفت إليه خطء غير زوجته، أو قارب الزوجة بمجرد أن وكلت وكيلا بزواجها منه، ووكل هو بزواجه، باعتقاد أن هذا التوكيل كاف لجواز المقاربة، ففى هذه الحالات يجب مهر المثل عند الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة؛ لأن الدخول بالمرأة لا لا يخلو من مهر أو حد، وقد سقط الحد بشبهة فوجب المهر، وهو مهر المثل، إذ لا عقد هنا حتى نتصور تسمية المهر فى العقد تسمية صحيحة[16].
الحالة الخامسة: إذا اختلف الزوج والزوجة فى المهر المسمى ولم تثبت التسمية بالبينة
ففى هذه الحالة يجب مهر المثل إذا ادعت الزوجة أكثر منه وادعى الزوج أقل منه. أما إذا كان الادعاء من طرف الزوجة وادعت أقل من مهر المثل فإنه يحكم بما تدعيه، وكذلك إذا كان الادعاء من طرف الزوج وادعى أكثر منه فإنه يحكم بما يدعيه[17].


[1] الفقه المقارن للأحوال الشخصية بين المذاهب السنية الأربعة والمذهب الجعفرى والقانون، بدران أبو العينين بدران، دار النهضة العربية بيروت لبنان 1967، جزء الأول ص 190.
، الفقه الإسلامى وأدلته، دز وهبة زحيلى، دار الفكر دمشق، ص ،والفقه المقارن للأحوال الشخصية بين المذاهب السنية الأربعة والمذهب الجعفرى والقانون، بدران أبو العينين بدران، دار النهضة العربية بيروت لبنان 1967، جزء الأول ص
[3] فإن كان الزواج فاسدا بسبب من الأسباب غير فساد تسمية المهر كالزواج بلا شهود وكزواج المحلل والزواج المؤقت، وجب المهر بالدخول الحقيقي، لقوله (ص) عن عائشة: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها، فلها المهر بما استحل من فرجها.."  إلا أن العلماء اختلفوا فى تحديد هذا الواجب من المهر؛ فقال بعضهم أن الواجب هو مهر المسمى، وقال بعض الآخر أن الواجب هو مهر المثل.
[4] الفقه المقارن للأحوال الشخصية بين المذاهب السنية الأربعة والمذهب الجعفرى والقانون، بدران أبو العينين بدران، دار النهضة العربية بيروت لبنان 1967، جزء الأول ص 190، و أحكام الأسرة فى التشريع الإسلامى، د. حسين سمرة، دار الهانى للطباعة والنشر، ص 214، الفقه الإسلامى وأدلته، دز وهبة زحيلى، دار الفكر دمشق، ص . أحكام الأحوال الشخصية فى الشريعة الإسلامية وما يجرى عليه العمل فى المحاكم الشرعية الإسلامية اللبنانية، حسن خالد و عدنان نجا، المكتب التجاري للطباعة والتوزيع والنشر، بيروت، ص 100.
[5] أحكام الأسرة فى التشريع الإسلامى، د. حسين سمرة، دار الهانى للطباعة والنشر، ص 215،
[6] الفقه المقارن للأحوال الشخصية بين المذاهب السنية الأربعة والمذهب الجعفرى والقانون، بدران أبو العينين بدران، دار النهضة العربية بيروت لبنان 1967، جزء الأول ص 190. الأحوال الشخصية فى الشريعة الإسلامية، عبد العزيز عامر، ص 167.
[7] الفقه الإسلامى وأدلته، د. وهبة زحيلى، دار الفكر دمشق، ص .
[8] المصدر السابق
[9] المصدر السابق
[10] المصدر السابق
[11] أحكام الأسرة فى التشريع الإسلامى، د. حسين سمرة، دار الهانى للطباعة والنشر، ص 218، الفقه الإسلامى وأدلته، دز وهبة زحيلى، دار الفكر دمشق، ص
[12] الفقه المقارن للأحوال الشخصية بين المذاهب السنية الأربعة والمذهب الجعفرى والقانون، بدران أبو العينين بدران، دار النهضة العربية بيروت لبنان 1967، جزء الأول، ص 192. الفقه الإسلامى وأدلته، دز وهبة زحيلى، دار الفكر دمشق، ص .
[15] الشرح الصغير،
[16] الفقه المقارن للأحوال الشخصية بين المذاهب السنية الأربعة والمذهب الجعفرى والقانون، بدران أبو العينين بدران، دار النهضة العربية بيروت لبنان 1967، جزء الأول، ص 193، أحكام الأسرة فى التشريع الإسلامى، د. حسين سمرة، دار الهانى للطباعة والنشر، ص 219.
[17] أحكام الأسرة فى التشريع الإسلامى، د. حسين سمرة، دار الهانى للطباعة والنشر، ص 220.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق